عشر خطوات للالتحاق بزمرة الفائزين

عشر خطوات للالتحاق بزمرة الفائزين

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أمّا بعد:

   فلقد أظلنا شهر كريم وموسم عظيم، كثيرة خيراته، وفيرة بركاته، غزيرة نفحاته، قال تعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للنّاس وبيّنات من الهدى والفرقان"، فهنيئا لقوم عرفوا قيمة رمضان.. قال الفضل بن المعلى: "كانوا يسألون الله ستة أشهر أن يبلّغهم رمضان"، وقال آخر: "لو قيل لأهل القبور تمنّوا لتمنّوا يوما من رمضان".

أهلا بشهر التقى والجود والكرم *** شهر الصيام رفيع القدر في الأمم.

  أخي الكريم، أختي الكريمة،

  هذه عشر نصائح أضعها بين أيديكم في هذه المناسبة الكريمة، لعلّ الله أن يجعل من كتبها ومن قرأها ومن نشرها، وجميع من عمل بها من جملة الفائزين في هذا الشهر المبارك الفضيل.

 

1)   الفرح بقدومه: فإنه لا يفرح برمضان إلا مؤمن صادق، ولا يتضجّر منه إلا من كان في قلبه دخن، قال تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ممّا يجمعون".

    عن محمد بن مسلمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لربّكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدا". رواهالطبراني في الأوسط والكبير بنحوه / وهو في صحيح الجامع.

معنى النفحات: جمع نفحة، من نفح إذا فاح وهب، وأعطى وانتشر، إذن معنى النفحات: ما ينشر الله لعباده ويفيضه عليهم من آثار رحمته من الخيرات والمواهب والعطايا.

   ومن أعظم تلك النفحات والنسمات وأوقات الهدايا والهبات: أيام وليالي رمضان المباركات: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتّحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مُنادِ: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ،ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة". رواه الترمذي وهو صحيح.

   فيا باغي الخير أقبل هلم تعال أسرع لا تتردد.. ويا مريد الجنة شمّر، ويا خائفا من النار أقدم..

 

2)   محاسبة النفس على ما مضى من أوقات الغفلة: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم"، والمحاسبة الجادّة تعين على التوبة الصادقة.

3)   العزم على التوبة وتجديد الانطلاقة نحو القمة: قال تعالى: "ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" وهو القائل: "وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيما". 

دع عنك ما قد كان في زمن الصبا *** واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب

لم ينسه الملكان حين نسيته ***بل أثبتاه وأنت لاه تلعب

4)   وإذا قررت إصلاح العطب بينك وبين الله، فلا تنس إصلاح ما بينك وبين الناس، ورد الحقوق والمظالم إلى أصحابها، لتكون من الفائزين بإذن رب العالمين. قال رب العزة جل جلاله: "وتوبوا إلى الله جميعا أيّها المؤمنون لعلّكم تفلحون".

5)   عقد العزم على استثماره واستغلال أيامه ولياليه بأنواع الطاعات والقربات:

  كالصيام والقيام وختم القرآن تلاوةً عدة مرات، والصدقات، وإطعام الطعام، وتطهير القلب وإصلاح المنطق واللسان...الخ.

   وأهم ما تشغل به أوقاتك إتقان الفرائض، كالصلوات الخمس وصوم رمضان وأداء الزكاة الواجبة، وبرّ الوالدين، فستسأل بين يدي مولاك عن الفرائض والواجبات، وفي الحديث القدسي: "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه".

6)   التغلب على الغضب والانفعالات الطائشة، والحرص على تصحيح السلوك والأخلاق: "...فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم".

7)   استغلال فرصة رمضان للقضاء على العادات السيئة: كالتدخين والمخدرات والمسكرات والغيبة والكذب...الخ.

8)   لا تكن ممن يجتهد في العبادة خلال أيام رمضان ولياليه المباركة ولكنه ينسى أهله وأولاده وزملاءه، ويتركهم في غفلتهم يعمهون وفي شهواتهم يسبحون:

   قال تعالى: "يا أيّها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة"، والنفوس -بفضل الله - في الغالب مهيّأة لقبول الوعظ والتذكير.. فليكن لأهلك وجيرانك وزملائك نصيب من هذا الخير الذي تنعم به؟!

   قال تعالى: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله"، وروى أبو داود عن أبي هريرة مرفوعا: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.." وتذكّر: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم".

9)   ترك المنكرات: فلا يكن نصيبك من الصيام الجوع والعطش، وحظك من القيام السهر والتعب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، سبحان الله تدع الحلال ولا تدع الحرام؟! "فلا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواءً".

10)        احذر قطاع الطرق: وتذكر قول الله تعالى: "والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتّبعون الشّهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً."، فاحذر قطاع الطرق: وهم كل من تجهز ليصدك عن الله ويعرقل مسيرتك نحو رضا الله، وهم اليوم كثيرون، وإن اختلفت أشكالهم وتباينت دعواتهم..

إذًا:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة *** فإن فساد الرأي أن تترددا

أخي الكريم، أختي الكريمة،

  فلنصم صيام من يودّع هذه الدار، فإننا لا ندري هل تتاح لنا فرصة كهذه مرة أخرى أم لا؟ ...فإن ملك الموت لا يحابي أحدا، والموت لا يبعث هاتفا والمنية لا تضرب موعدا "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".

  جعلني الله وإيّاكم من الفائزين، وجمعني الله بكم في جنات النعيم، وإلى ذلكم الحين، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

أخوكم الذي يحب لكم الخير:

أبو زكريا يوسف بن عاطي

غفر الله له ولوالديه ولسائر المسلمين والمسلمات.